مقدمة:
منذ بدئها، امتدت الأزمة الخليجية بين دولة قطر وبعض دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية، إلى أوجه مدنية وثقافية عديدة، ومن ضمن ذلك، أدت الأزمة إلى المساس بالحق في ممارسة الشعائر الدينية بشكل مباشر وغير مباشر، عبر فرض المملكة السعودية قيوداً على سفر القطريين إلى السعودية، بما في ذلك أولئك الذين يرغبون بالسفر إليها لممارسة الشعائر الدينية الخاصة بالمسلمين، وبشكل خاص أداء مناسك الحج والعمرة.
ويعدّ الحج إلى الكعبة في مدينة مكة غرب السعودية واحداً من 5 فرائض أساسية يجب على كل مسلم في العالم أن يقوم بها ولو مرةً واحدة في العمر إذا امتلك القدرة المالية والصحة الكافية للقيام بذلك (هناك أكثر من 1.6 مليار مسلم في العالم – 23% من سكان العالم)، فيما تعد العمرة -والتي تعني زيارة المكان ذاته بقصد التعبد- تطوعاً محمودٌ دينياً، يمارسه ملايين المسلمين سنوياً (52.8 مليون معتمر خلال ال10 سنوات الأخيرة بحسب وزارة الحج والعمرة السعودية).
وعلى مدار نحو 100 عام، كانت أسرة آل سعود الحاكمة تُقرِّر مَن يدخل مكة المكرمة ومن يخرج منها، ووضعت حصصاً معينة لتحديد عدد الحجاج الوافدين من مختلف البلدان الأخرى بناء على اتفاقيات بينية لغايات تنظيم الحج.
وبالرغم من أهمية هذه العبادة للمسلمين، إلا أن هذه الاتفاقيات لم تخلُ من خلفيات بدا أنها سياسية، أو محاولة الاستغلال السلبي لوجود هذه الميزة في أراضي السعودية لتحقيق غايات سياسية، وهو ما حرم كثيراً من المدنيين من أداء شعائرهم الدينية، وهو ما يعد انتهاكا مؤسفاً لجملة من الحقوق الثابتة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومنها الحق في ممارسة الشعائر الدينية، المنصوص عليه في المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في عدم التمييز، والذي وُجدت اتفاقية خاصة للقضاء عليه، هي الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
وتعد الأزمة الأخيرة بين قطر وبعض الدول العربية، ومنها السعودية، مثالاً بارزاً على انتهاك هذا الحق، حيث رصد المرصد الأورومتوسطي على مدار الأشهر الماضية العديد من العراقيل التي وضعتها السعودية في وجه الحجاج والمعتمرين القطريين الذين يرغبون بالسفر إلى السعودية. كما قام وفد من المرصد الأورومتوسطي بزيارة مقر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر يوم الثلاثاء (14 نوفمبر 2017)، التقى فيها بمدير الدائرة القانونية في اللجنة، واطلع على بعض ما وثقته اللجنة في هذا الإطار.
ويسعى هذا التقرير إلى تسليط الضوء على بعض أهم ما وثقه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حول العراقيل التي واجهها القطريون في السفر إلى السعودية خلال الأشهر الماضية، كما يسلط الضوء على بعض أوجه التسييس الذي مارسته السعودية للأماكن الدينية فيها، وهو يهدف إلى التنبيه إلى خطر هذه السياسة على المساس بحق أساسي وأصيل من حقوق الإنسان، والدعوة إلى وقفها فوراً.
للاطلاع على التقرير كاملًا اضغط هنا