جنيف- أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء خلال ندوة نظمها على هامش الدورة 29 للاستعراض الدوري الشامل لحالة حقوق الإنسان في مبنى الأمم المتحدة في جنيف، على ضرورة وقف التدابير القسرية والتعسفية التي نجمت إثر ما عرف بأزمة الخليج، وقيام دول من بينها الإمارات باتخاذ إجراءات بحق دولة قطر أدت إلى العديد من الآثار على حقوق المدنيين في انتهاك لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان.
الإمارات فرضت قيودًا على حرية التعبير وعمدت إلى تجريم أي محاولة للتعاطف مع قطر واعتقال أي مخالف لقرارها إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة، في انتهاك واضح للحق في حرية الرأي والتعبير
سارة بيرتشيت، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
وأكدت سارة بيرتشيت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان خلال كلمة لها في المجلس على أن دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي خضغت لاستعراض المجلس في هذه الدورة، تقوم بدور رئيس في الإجراءات المفروضة على قطر، وعليها مراجعة الآثار التي نجمت عن هذه الإجراءات عبر تسببها بالكثير من الأضرار في مجالات كالطب، والتجارة، وانفصال الأسر.
ولفتت المتحدثة باسم المرصد الحقوقي إلى أن السلطات الإماراتية ومنذ بدء الأزمة أمرت المواطنين القطرين المقيمين في دولة الإمارات بالعودة إلى بلادهم إضافة إلى دعوة مواطنيها المقيمين في دولة قطر للعودة إلى دولة الإمارات، الأمر الذي أدى إلى انفصال آلاف الأسر وتشتتها، حيث تشير الإحصاءات التي رصدها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بأن الأسر المحتمل تأثرها بهذا القرار قد يطال ما يقارب 6500 أسرة.
ونوهت "بيرتشيت" إلى أن هناك تقارير حقوقية عدة صدرت من منظمات دولية رصدت تداعيات الأزمة على الأسر والتي أدت إلى انفصال الوالدين قسرا عن أطفالهم، وأزواج عن زوجاتهم، والمرضى وكبار السن عن ذويهم ومن يتولون ورعايتهم.
وبينت "بيرتشيت" أن تلك الإنتهاكات امتدت لتصل إلى انتهاك حقوق الأسر في الخصوصية والحماية من التدخل التعسفي، وحرية التنقل. كما انتهكت حقوق الطفل والتي تم التغاضي عنها في الحالات التي لا تنطوي على عنف مباشر في مخالفة واضحة لحقوق الأطفال المنصوص عليها في القانون الدولي.
وانتقدت "سارة بيرتشيت" خلال كلمتها إجبار المرضى في الإمارات على المغادرة قسراً، والذي أدى إلى تغيب عشرات المرضى عن عملياتهم الجراحية، إضافة لحرمان عدة أشخاص من الرعاية الطبية، مضيفة أن دولة الإمارات تتحمل مسؤولية خاصة في هذا المجال كون أن الإجراءات التي اتخذتها بحق المرضى تشكل تهديداً حقيقياً وحاسماً لحياتهم.
ومن جانب آخر، لفتت "بيرتشيت" إلى أن الإجراءات المفروضة من قبل دولة الإمارات امتدت إلى حرمان آلاف العمال من وظائفهم، حيث يقدر عدد العمال المهاجرين والذين يشكلون جزءاً كبيراً من سكان قطر بنحو (2 مليون عامل)، وقد أدت الإجراءات المفروضة إلى فقدان العديد من هؤلاء لوظائفهم بسبب طلب الإمارات رعاياها العمال مغادرة دولة قطر، إضافة لفرضها عقوبات اقتصادية على المخالفين لقرارها بالعودة إلى دولة الإمارات.
ونوهت "بيرتشيت" إلى أن دولة الإمارات قامت بفرض قيود على حرية التعبير حيث عمدت إلى تجريم أي محاولة للتعاطف مع دولة قطر واعتقال أي مخالف لقرارها إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة، في انتهاك واضح للحق في حرية الرأي والتعبير، إضافة لفرض قيودها على حرية الصحافة، حيث تشترط الإمارات إغلاق قناة الجزيرة التي تبث من دولة قطر قبل استئناف أي مفاوضات مع دولة قطر.
وحذرت المتحدثة باسم الأورومتوسطي من حملات التشهير وبث الكراهية عبر وسائل التواصل التقليدية والاجتماعية بحق دولة قطر، ومنع أي صورة من صور إبداء التعاطف معها أو مع المدنيين فيها وفرض عقوبات جزائية على من يقوم بذلك، حيث اعتبرت أن هذه الإجراءات "تمثل تهديداً للأمن والسلم المجتمعي في منطقة الخليج".
يشار إلى أن الاستعراض الدوري الشامل هو أحد الأنشطة الرئيسية التي يقوم بها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وذلك بموجب القرار 251/60 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعبره يتم استعراض أوضاع حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في المنظمة الأممية، بهدف تحسين أوضاع حقوق الإنسان في تلك الدول ودفعها للوفاء بالتزاماتها في هذا المجال. وقد شهدت الدورة الحالية للاستعراض الدوري الشامل استعراض دولتين من دول الشرق الأوسط، هما الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.