جنيف- استنكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الممارسات غير الإنسانية التي ترتكبها السلطات المالطية بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في مراكز الاحتجاز مطالبًا مفوضية الاتحاد الأوروبي بتدخل فوري لمعالجة تلك التجاوزات الخطيرة.
محاولات طالبي اللجوء والمهاجرين إيذاء أنفسهم أو الانتحار، ورفض تناول الطعام، بالإضافة إلى تقارير العنف الجسدي، تُظهر بوضوح أنّ الظروف في مراكز الاحتجاز في مالطا بعيدة على أن تكون قانونية أو كريمة
ميشيلا بولييزي، باحثة في شؤون الهجرة لدى الأورومتوسطي
وقال المرصد الحقوقي الدولي ومقره جنيف في بيان صحفي اليوم الأحد إنّ عددًا من المهاجرين وطالبي اللجوء أفادوا بنقلهم إلى "غرف مخصصة للضرب" في مراكز الاحتجاز، حيث تعرّضوا للضرب على وجوهم وتكسير أسنانهم، وتُركوا وحيدين في تلك الغرف لساعات طويلة.
وبيّن الأورومتوسطي أنّ هناك أدلة متزايدة على استمرار السلطات المالطية في احتجاز أعداد كبيرة من طالبي اللجوء والمهاجرين على نحو غير قانوني، وفي ظروف مهينة وغير صحية دفعت ببعضهم إلى محاولة الانتحار بدافع اليأس.
وذكر الأورومتوسطي أنّ أحد طالبي اللجوء المحتجزين في ثكنة "آسفي" في مالطا أبلغ في سبتمبر/ أيلول 2020 أنّ الظروف هناك كانت سيئة للغاية لدرجة أنّهم كانوا يتوسلون للسماح لهم بالعودة إلى ديارهم.
وقال أحد طالبي اللجوء المحتجزين في ثكنة "آسفي"، ويحمل الجنسية المغربية: "نحن في حالة بائسة ونفتقر إلى أبسط حقوق العيش. بعض المحتجزين هنا يعانون من أمراض جسدية ونفسية خطيرة لدرجة أنهم حاولوا الانتحار عدة مرات. لقد امتنعنا عن الأكل عدة أيام كإجراء احتجاجي على هذه الظروف الصعبة".
ولفت الأورومتوسطي أنّ مستشفى "ماونت كارمل" للأمراض النفسية استقبل أخيرًا عددًا كبيرًا من طالبي اللجوء المحتجزين الذين يعانون من اضطرابات ومتاعب نفسية بفعل محاولات الانتحار المتكررة.
وفي السياق، قال مسؤول في المكتب الأوروبي لدعم اللجوء (EASO) إنّ قرابة نصف الذين قابلوهم من المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في مالطا أبلغوا عن تعرّضهم للعنف والاعتداء الجسدي بهدف "بث الخوف في نفوسهم وفرض الطاعة عليهم".
وفي سبتمبر/ أيلول 2020، أجرت "لجنة مناهضة التعذيب والتعصب" التابعة لـ"مجلس أوروبا" زيارة إلى مالطا لفحص معاملة المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين، لكن لم يتم نشر تقييمها النهائي بعد.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة لدى الأورومتوسطي ميشيلا بولييزي: "محاولات طالبي اللجوء والمهاجرين إيذاء أنفسهم أو الانتحار، ورفض تناول الطعام، بالإضافة إلى تقارير العنف الجسدي، تُظهر بوضوح أنّ الظروف في مراكز الاحتجاز في مالطا بعيدة على أن تكون قانونية أو كريمة".
وشدّدت "بولييزي" على "ضرورة عدم استخدام جائحة كورونا أو العبء الكبير الذي تتحمله مالطا في استقبال طالبي اللجوء، كذريعة لإيذاء حياتهم".
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ ممارسات السلطات في مالطا ضد طالبي اللجوء في مراكز الاحتجاز هي جزء من نمط أوسع من الانتهاكات التي تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين طوال عام 2020. فعلى الرغم من انخفاض أعداد الوافدين، استخدمت مالطا العديد من الأساليب غير القانونية لإحباط الهجرة عن طريق البحر، بما في ذلك استئجار سفن خاصة لدفع طالبي اللجوء إلى ليبيا، ورفض إنزال المهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر من السفن، وإغلاق موانئها أمام القوارب الإنسانية، واستغلال فيروس كورونا ذريعة لمثل هذه الانتهاكات.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المالطية إلى التأكد من أنّ ظروف الاحتجاز الخاصة بطالبي اللجوء والمهاجرين تحترم حقيقة كونهم موقوفين على خلفية غير جنائية، وتتوافق مع جميع معايير حقوق الإنسان، ولا سيما الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
وأكد على ضرورة استخدام الاحتجاز فقط كإجراء أخير لفترة قصيرة قدر الإمكان، على النحو المنصوص عليه في المادة 9 من توجيه شروط الاستقبال (2013/33/EU)، والنظر في الصحة البدنية والعقلية لطالبي اللجوء المعرضين للخطر بشكل خاص في الاحتجاز باعتبارها مصدر قلق رئيسي، على النحو المنصوص عليه في المادة 11 من توجيه ظروف الاستقبال.