جنيف - انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربية بتخفيض سنّ التوظيف في الأطر والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى 30 سنة بحد أقصى، مؤكدًا أنّ القرار يتعارض مع القانون ويتجاهل مبدأ تكافؤ الفرص الذي كفله الدستور المغربي.
وقال المرصد الأورومتوسطي - ومقرّه جنيف - في بيان صحفي الثلاثاء، إنّ القرار كان ينبغي أن يخضع لصلاحيات السلطة التشريعية لمناقشة تأثيراته وتبعاته على شريحة كبيرة من المجتمع قبل إقراره عوض عن إصداره على نحو إداري، والتسبب بإقصاء فئة كبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل من دائرة التوظيف الرسمي.
يخالف قرار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربي المادة الرابعة من النظام الأساسي لأطر الأكاديمية الجهوية، والتي تُعدّ المرجع -قبل هذا القرار- لشروط الانخراط في الوظيفة الأكاديمية العمومية.
يوسف سالم، باحث قانوني لدى المرصد الأورومتوسطي
وكان وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة "شكيب بنموسى"، أصدر الجمعة 19 نوفمبر/ كانون الثاني 2021، قرارًا حدّد السن الأقصى لاجتياز مسابقات التوظيف بـ 30 سنة بزعم "جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهن التدريس، ولضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية، علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية".
وأشار الأورومتوسطي إلى أنّ فريقه تلقّى صورًا ومقاطع فيديو تظهر اعتقال الشرطة المغربية عددًا من الخريجين الذين تظاهروا بانتظام منذ السبت الماضي في مدن الرباط، وفاس، وخنيفيرة، وبني ملال وغيرها، للتنديد بما وصفوه "القرارات الإقصائية بحق أبناء الشعب المغربي والمتعلقة بطبيعة سياسة التشغيل الطبقية".
أبلغت الشابة "م.أ"، إحدى الخريجات الجامعيات المتضررات من القرار، فريق المرصد الأورومتوسطي: "نظمنا أمس الإثنين 22 نوفمبر/ تشرين الثاني تظاهرة من أمام جامعة "عبد المالك السعدي" في مدينة "مرتيل"، وقد كنا ننوي التوجه للأكاديمية الجهوية بمدينة "تطوان" المحاذية سيرًا على الأقدام للتعبير عن رفضنا للقرار، لكنّ السلطات الأمنية اعترضت طريقنا ومنعتنا من الوصول إلى هناك، واعتقلت عددًا من المشاركين في التظاهرة ونقلتهم لأماكن لا نعرفها".
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ الدستور المغربي (لعام 2011)، حمى على نحو واضح مبدأ تكافؤ الفرص، إذ نصّ في مقدمته على أن "يتمتع الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة". كما أكّد ذات الحق الفصل (35) من الدستور، والذي نصّ على أن "تسهر الدولة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع، والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظًا".
وفي إفادة أخرى جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، قال الشاب المغربي "فيصل الهاشمي" (34 عامًا)، وهو أحد الخريجين الجامعيين المتضررين من القرار: "تضررت مع عدد كبير من زملائي المجازين من كلية الآداب بجامعة مراكش من هذا القرار الذي يستثنينا ويهمّشنا، ويفوّت علينا فرصة الالتحاق بالوظيفة العمومية لتحسين أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية رغم أننا ما نزال في ريعان شبابنا".
وتابع الهاشمي، "خرجنا إلى الشارع للتعبير عن رفضنا لسياسة الانتقاء، ووضع شروط تعجيزية للتعيين بالوظيفة العمومية في الأطر الأكاديمية، ولنطالب بخلق فرص حقيقة تلائم أوضاعنا، وليس قرارات تقضي على أحلامنا وتبقينا رهن قوائم البطالة".
بدوره، قال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي "يوسف سالم" إنّ قرار وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربي يخالف المادة الرابعة من النظام الأساسي لأطر الأكاديمية الجهوية، والتي تُعدّ المرجع -قبل هذا القرار- لشروط الانخراط في الوظيفة الأكاديمية العمومية، إذ نصّت على أن يكون عمر المتقدم يتراوح بين (18 -40) عامًا، ويُرفع الحد الأقصى لسن التوظيف إلى (45) عامًا، في بعض الحالات المحددة بموجب النظام.
ودعا المرصد الأورومتوسطي وزارة التربية المغربية إلى التراجع عن القرار، ومراعاة أوضاع الشباب الخريجين العاطلين عن العمل، واحترام حقوق المواطنة المحمية بموجب نصوص الدستور المغربي لعام 2011.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الحكومة المغربية بالإفراج عن جميع الخريجين المعتقلين على خلفية التظاهرات دون شروط، واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وفتح قنوات حوار مع الخريجين المجازين، والذين لم يحصلوا على فرص عمل طوال السنوات الماضية بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، والبحث عن حلول لاستيعابهم في الوظائف الحكومية بدلًا من استحداث قرارات تُضعف من فرص تشغيلهم أو تعدمها.