الأراضي الفلسطينية– نظّم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ندوة افتراضية استضاف فيها مسؤولين أممين وخبراء حقوقيين لمناقشة تهرب إسرائيل من المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، في ضوء الهجوم العسكري الأخير على قطاع غزة، وحظر الجيش الإسرائيلي عمل سبع منظمات مجتمع مدني محلية في الأراضي الفلسطينية.

واستضافت الندوة التي أدارتها نائب رئيس مجلس الأمناء في المرصد الأورومتوسطي "حنين حسن"، وجاءت بعنوان "عقود من عدم المساءلة: ما المطلوب لإنهاء إفلات إسرائيل من العقاب؟"، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 "فرانشيسكا ألبانيز"، ومسؤول مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية "جيمس هينان"، ورئيس مجلس أمناء المرصد الأورومتوسطي "ريتشارد فولك"، والصحافي والمؤلف الأمريكي-الفلسطيني "رمزي بارود".

وعرض المتحدثون وجهات نظرهم حول مواضيع مختلفة تتعلق بإفلات إسرائيل من العقاب، ودور المجتمع الدولي في الضغط عليها للالتزام بمسؤولياتها، بالإضافة إلى الخطوات التي يمكن اتخاذها لإنهاء مهاجمة إسرائيل للمدافعين عن حقوق الإنسان وتشويه سمعتهم.

   رفضت إسرائيل تجديد تأشيرتي وتأشيرات عشرين من الموظفين الدوليين من طاقمي لمدة عامين   

جيمس هينان، مسؤول مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية

وأوجزت "حسن" في كلمتها الافتتاحية الحالة القاتمة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وتصاعد الظروف الأليمة التي يقاسيها الفلسطينيون منذ عقدين، سواء بسبب سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها إسرائيل بحصار قطاع غزة أو الهجمات العسكرية المتتالية على القطاع في السنوات الخمس عشرة الماضية، أو حتى بسبب العنف في الضفة الغربية والمتمثل بقتل الفلسطينيين خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي للقُصّر، وتصنيف منظمات المجتمع المدني على أنها منظمات "إرهابية"، وقتل الصحافيين مثل "شيرين أبو عاقلة".

من جانبها، قالت المقررة الأممية "فرانشيسكا ألبانيز" في مداخلتها إنّ الاعتداء الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة (في أغسطس/ آب الجاري) كان عملًا عدوانيًا ينتهك وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة المحاصر على وجه الخصوص.

وتحدّثت "ألبانيز" عن دور جماعات الضغط الموالية لإسرائيل في استهداف المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، إذ كانت عرضة للاستهداف والانتقاد منذ اليوم الأول لتعيينها في منصب مقررة الأمم المتحدة الخاصة بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

وأضافت: "لقد تعرضت للهجوم والانتقاد لكوني صريحة جدًا، لكن هذا هو الحال، وقد جادلت [السلطات الإسرائيلية] على أساس القانون الدولي [بأن الهجمات كانت مبررة]".

وشددت "ألبانيز" على أنّ استخدام القوة مسموح به في حالتين فقط: "حين يكون مصرحًا بذلك من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهذا لم يكن الحال، أو حين يكون دفاعًا عن النفس، أي ردًا على هجوم".

وأضافت "أعلم أنّ إسرائيل تستخدم الدفاع عن النفس كذريعة لتبرير الهجوم، ولكنها تنتهج الدفاع الوقائي عن النفس، وهذا ليس له أصل قانوني، وغير موجود في القانون الدولي".

بدوره، تحدث مسؤول مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية "جيمس هينان" حول الهجمات الإسرائيلية المتكررة على المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في فلسطين.

وقال "هينان": "أولئك الذين يجمعون المعلومات ويمثّلون العيون والآذان لما يجري على الأرض يتعرضون للهجوم حاليًا"، واصفًا تصنيف إسرائيل لسبع منظمات مجتمع مدني فلسطينية على إنها "إرهابية" بغير القانوني.

وترفض إسرائيل منح "هينان" وزملائه من الموظفين الدوليين تأشيرات لدخول الأراضي الفلسطينية، إذ قال: "نعلم أنّ ممثل هيومن رايتس ووتش، الصديق عمر [شاكر] قد أُبعد من البلاد. وأنا أيضًا لست في البلاد، حيث رفضت إسرائيل تجديد تأشيرتي وتأشيرات عشرين من الموظفين الدوليين من طاقمي لمدة عامين".

وأضاف "ما نزال قادرين على أداء مهامنا لأنّ طاقمنا المحلي موجود في البلاد، لكن وجهة نظري هي أن الوصول إلى الحقيقة أو نشر الحقائق هو مفتاح أساسي لحل مشكلة المساءلة".

من جهته، قال رئيس مجلس أمناء المرصد الأورومتوسطي "ريتشارد فولك" إنه على الرغم من أنّ القانون الدولي غير قابل للتنفيذ في ظل الظروف الحالية، إلا أنه ما يزال من الضروري الاعتماد عليه أثناء النضال من أجل التحرير وتقرير المصير.

 وبيّن أنّ "حقيقة تطبيق الأمم المتحدة للقانون الدولي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل كان دائمًا يمثل إشكالية، مبينًا أنّ "ذلك يعود إلى الحرب العالمية الثانية.. الفائزون يفلتون من العقاب والخاسرون يخضعون للمساءلة".

وأضاف أنّ الأمم المتحدة "ليس لديها السلطة لفرض المساءلة في الحالات التي يكون فيها للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مصالح".

من جهته، قال الصحافي الأمريكي- الفلسطيني "رمزي بارود": "بصفتي لاجئًا فلسطينيًا وُلد ونشأ في مخيم النصيرات للاجئين ]وسط قطاع غزة[، شعرت بالحيرة من فشل ما يسمى بالمجتمع الدولي بفعل أي شيء حيال وضعنا في مخيمات اللاجئين".

وسلّط "بارود" الضوء على فشل وسائل الإعلام الغربية في التعاطي مع الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، مشيرًا إلى تنميطها للظلم الصارخ الذي يجبر الفلسطينيون على عيشه على أنّه مجرد "اندلاع" للعنف.

وحول تناول وسائل الإعلام الغربية للهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أكّد "بارود" أنّ وسائل الإعلام الغربية خذلت وما تزال تخذل الفلسطينيين، إذ تجاهلت حقيقة أنّ الهجوم الإسرائيلي لا يمكن وصفه سوى أنّه وصفه: "عدوان غير مبرر على الفلسطينيين".