جنيف - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ انخفاض حدة القتال في اليمن لا يعني تراجع أو تقلّص حجم الأزمة الإنسانية المستعصية في البلاد التي تشهد نزاعًا مسلّحًا داميًا منذ أكثر من 7 سنوات.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان أصدره اليوم الأحد الذي يوافق "يوم الأغذية العالمي"، أنّ السكان في اليمن باتوا يكافحون أكثر من أي وقت مضى لتأمين الأغذية الأساسية جراء تفاقم التبعات الإنسانية للنزاع، إذ يعاني نحو 19 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يعادل أكثر من 61% من إجمالي عدد السكان.

وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي "نور علوان": "من المؤسف أنّه في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية للسكان في اليمن، لم تتلق الأمم المتحدة هذا العام سوى حوالي ثلث التمويل المطلوب لتنفيذ العمليات والبرامج الإنسانية، ما اضطرها إلى خفض حصص الغذاء وإغلاق بعض البرامج التي كان يستفيد منها ملايين من اليمنيين".

   من المؤسف أنّه في الوقت الذي تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية للسكان في اليمن، لم تتلق الأمم المتحدة هذا العام سوى حوالي ثلث التمويل المطلوب لتنفيذ العمليات والبرامج الإنسانية   

نور علوان، مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي

وأضافت أنّه "رغم توقّف أعمال العنف بصورة كبيرة خلال الأشهر الستة الماضية بموجب اتفاق الهدنة الذي انتهى مطلع الشهر الحالي دون توافق على تجديده حتى اليوم، إلّا أنّ التحسّن في الوضع الإنساني لم يكن سوى نقطة في بحر كبير من الأزمات المركبة، إذ كان محدودًا ومحصورًا في مناطق معيّنة، ولم يشمل جميع أوجه المعاناة التي يعيشها اليمنيون".

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ غالبية السكان في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، إذ تشير إحصاءات "برنامج الأغذية العالمي" إلى أنّ عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة بلغ نحو 20.7 مليون (نحو 66% من إجمالي عدد السكان)، مع حاجة نحو 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضع و2.2 مليون طفل دون الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

وأشار إلى أنّ اليمن احتلّت المرتبة 183 من أصل 191 على مؤشر التنمية لعام 2021/ 2022، والذي يصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث يستند إلى عدة عوامل لقياس التنمية البشرية، من بينها القدرة الشرائية للفرد، والتي شهدت انحدارًا كبيرًا في اليمن خلال السنوات الماضية بسبب الآثار المباشرة وغير المباشرة للنزاع.

وبيّن أنّ أزمة جائحة كورونا إلى جانب الحرب في أوكرانيا تسببتا بارتفاع كبير على أسعار السلع الأساسية والوقود عالميًا، ولا سيما في الدول الفقيرة كاليمن التي تستورد نحو 95% من احتياجاتها من الخارج، إذ ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية بعد الحرب بأكثر من 150%. بالإضافة إلى ذلك، يُخشى أن يتسبب تفاقم الحرب في أوكرانيا بعدم انتظام إمدادات القمح، إذ تستورد اليمن نحو 45% من احتياجها من القمح من روسيا وأوكرانيا، ولا يكفي مخزون البلاد منه سوى لعدة أشهر فقط.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي على الحاجة الملّحة إلى إعادة توجيه التمويل للعمليات الإنسانية في اليمن، إذ إنّ التدخلات الإنسانية في أوكرانيا لا ينبغي أن تؤثر على وفاء الدول المانحة بالتزاماتها تجاه الأزمة الإنسانية في اليمن، والتي تتفاقم مع استمرار النزاع.

وشدّد على أنّ السبيل الوحيد لوضع حد للأزمة الإنسانية في اليمن هو وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، والتوافق بين أطراف النزاع كافة على إنهاء جميع مظاهر النزاع ومعالجة أسبابه، على نحو يقود إلى استقرار الأوضاع الميدانية والسياسية، ويفسح المجال لاستقرار ونمو اقتصادي ينعكس إيجابًا على الوضع المعيشي للسكان.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، دعا المرصد الأورومتوسطي في كلمة له أمام مجلس حقوق الإنسان الدول الأوروبية إلى وقف تصدير الأسلحة إلى أطراف النزاع في اليمن، وعدم المساهمة بأي شكل من الأشكال في إطالة أمد النزاع، من أجل وضع حدد للأزمة الإنسانية التي يعاني منها ملايين اليمنيين.