حياة شبه مستحيلة بعد 17 سنة من الحصار

بدأت إسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فــوز حركــة حمــاس فــي الانتخابات التشــريعية في يناير/ كانون ثانٍ عـام 2006، ثم شددته بعد سيطرة الحركة عسكريًا على القطاع في يونيو/ حزيران 2007، إذ أعلنــــت قطاع غزة "كيانًا معاديًا" وفرضت عقوبــات إضافيــة مسّت على نحو مباشر بالحقوق الأساسية للسكان، وشمل ذلك فرض قيود مشددة على دخـــول الوقـــود والبضائع وحركـــة الأفراد مـــن وإلـــى القطـــاع. وعلى مر السنين، عملـت السـلطات الإسرائيلية علـى ترسـيخ سياسـة عـزل قطـاع غـزة، مـن خـال فصلـه عـن الأراضي الفلسطينية في الضفـة الغربيـة والقدس الشرقية، إلى جانب التحكم في كمية ونوعية البضائع والمواد التي تدخل إلى قطاع غزة وحظر المئات منها، ما تسبب بركود اقتصادي شامل في القطاع، وارتفاع حاد في معدلات الفقر والبطالة. وعلاوة على ذلك، أثّر الحصار الإسرائيلي على نحو خاص على القطاع الصحي في غزة، إذ لا تتوفر كثير من الأصناف واللوازم الطبية الأساسية، ويضطر كثير من المرضى للانتظار لأشهر لإجراء العمليات الجراحية. وخلال سنوات الحصار، شنّت إسرائيل أربعة هجمات عسكرية مدمّرة على القطاع، أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وتدمير عشرات آلاف المنازل والمنشآت المدنية، وأحدثت دمارًا واسعًا في مرافق البنى التحتية.

 

بموجب القانون الدولي، ما يزال قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي بالرغم من الانسحاب أحادي الجانب من القطاع عام 2005، إذ احتفظت إسرائيل بالسيطرة الكاملة على منافذ القطاع البرية والبحرية والجوية. وبالمثل، فهي تسيطر على السجل السكاني في غزة وشبكات الاتصالات والعديد من الجوانب الأخرى للحياة اليومية والبنية التحتية. وبدلاً من القيام بواجبها في حماية السكان المدنيين، فرضت إسرائيل على السكان في قطاع غزة شكلًا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

يبدو أنّ المجتمع الدولي غير منزعج من الظروف غير الصالحة للعيش في قطاع غزة، أو حقيقة أنّ جيلًا كاملًا نشأ معزولًا عن العالم، باستثناء الأسلحة التكنولوجية المتطورة التي تنهمر عليه من السماء.

نورا عريقات، عضو مجلس أمناء في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان

تدهور الوضع الإنساني وتردي الخدمات الأساسية

16-12 ساعة

عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في اليوم الواحد

1.4 أسرّة المستشفيات

متاح لكل 1000 شخص

مقارنة بـ 3 في عام 2005 قبل فرض الحصار.

5 من كل 10

عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

%40

 
 

نسبة العجز في الأرصدة الدوائية بـ 16٪ فقط لعام 2005.

%32

 
 

نسبة العجز في المستهلكات الطبية

%60

 
 

نسبة العجز في لوازم المختبرات وبنوك الدم

%66

 
 

نسبة تراجع خدمات الرعاية الصحية

 

قيود وتضييق على المعابر

القيود المفروضة على حركة البضائع والأشخاص على حد سواء هي تحديات طويلة الأمد تواجه الفلسطينيين.

كان تنقـل الأفراد والبضائـع مـن وإلـى القطـاع يتـم عبـر 6 معابـر؛ وهـي بيت حانون/ إيـرز، كارنـي، ناحـل عـوز، كـرم أبـو سـالم، ومعبر صوفـا علـى الحـدود مـع إسـرائيل، بالإضافة إلـى معبـر رفـح علـى الحـدود مـع مصـر. وبعد الحصار، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وإيرز اللذان خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.

رغم أنّ عام 2022 شهد تحسنًا في حركة المسافرين عبر معبر رفح – نحو 23 ألف مسافر شهريًا- مقارنة بالعام الذي سبقه -نحو 15 ألف مسافر شهريًا عام 2021- إلا أنّه ما يزال بعيدًا عن المعدل الذي سُجل عام 2005 قبل فرض الحصار، والذي وصل إلى 40 ألف مسافر شهريًا. استمرت السلطات المصرية بفرض قيود على عدد وطبيعة الأشخاص المسموح لهم بالسفر. ونتيجة لذلك، يضطر كثير من الفلسطينيين في غزة إلى دفع "رسوم تنسيق" (غير رسمية) باهظة حتى يتمكنوا من التنقل عبر المعبر وتجنب المنع الأمني أو التأخير. وعلاوة على ذلك، يتعامل أفراد الأمن المصري مع المسافرين الفلسطينيين على نحو غير إنساني، ويخضعونهم لتفتيش متكرر، وتتسبب هذه الممارسات بإطالة مدة الرحلة بين معبر رفح ومطار القاهرة حتى 72 ساعة في بعض الحالات (لا تستغرق أكثر من 6 ساعات في الوضع الطبيعي).

%36

 
 

من طلبات الحصول على تصاريح من قبل المرضى الفلسطينيين للسفر عبر معبر إيرز تمت الموافق عليها في عام 2022 مقارنة ب 97% في عام 2005.

23 يوم عمل

للنظر في طلبات المرضى للحصول على تصريح لتلقي العلاج خارج غزة عبر معبر إيرز.

34,000 

سُمح لهم بالسفر شهريًا عبر معبر إيرز خلال 2022، مقارنة بـ 30،000 في عام 2005. (مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد سكان القطاع من 2005 إلى 2023 بنحو 78%). (انخفض المعدل الشهري للمسافرين بالنسبة لعدد السكان من 2.3% عام 2005 إلى 1.4% عام 2022).

23,000

حالات الوصول والمغادرة شهريًا عبر معبر رفح عام 2022، مقارنة بـ 40،000 عام 2005. (مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد سكان القطاع من 2005 إلى 2023 بنحو 78%). (انخفض المعدل الشهري للمسافرين بالنسبة لعدد السكان من 3% عام 2005 إلى 1% عام 2022).

تدهور اقتصادي

دخل اقتصاد قطاع غزة في ركود عام منذ فرض الحصار الإسرائيلي، ما أدى إلى إغلاق شبه كامل للمعابر التجارية وقيود شديدة على حركة التجار ورجال الأعمال، وفاقمت الهجمات الإسرائيلية الثلاث الكبرى من الأزمة، وشلّت جميع المصالح الاقتصادية خلال الهجمات. آثار الهجمات – تمثل معظمها في تدمير المصانع والشركات وفقدان الوظائف - استمرت لفترة طويلة بعد إعلان وقف إطلاق النار. أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فقد بلغت مساهمة قطاع غزة في الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين أقل من 18٪ بنهاية عام 2020. 

ضاعفت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيـد 19) والتي بدأت بالتفشي داخل القطاع في أغسطس/آب 2020 من الأزمات التي يعاني منها اقتصاد القطاع، إذ تسببت إجراءات الإغلاق لدواعي الوقاية بزيادة معاناة العمال الذين يعملون بنظام المياومة. بحسب اتحاد نقابات العمال فــي قطاع غزة، فقد نحو 160 ألف عامل أعمالهم أو توقفوا عن العمل بشكل مؤقت بسبب الإغلاق. إلى جانب ذلك، فإنّ الأجور اليومية التـي يتحصّل عليها هؤلاء العمال تجعلهم غير قادرين على مواجهة ظروف الإغلاق، خاصة أنّ متوسط الأجر اليومي للعامل يعادل 3 $، وهو ما لا يتناسب مع الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار.

 
 
بحسب تقرير "الأونكتاد" الصادر في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، قُدّرت التكلفة الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العقد الماضي قدرت بـ 16.7 مليار دولار، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية بفعل الحصار بلغ نحو 9 آلاف دولار، سبّبها الإغلاق طويل الأمد والعمليات العسكرية التي تعرض لها القطاع خلال فترة الحصار.
 

%47

 
 

نسبة البطالة بحلول سنة 2023, مقارنة بـ 23% في 2005.

%80

 
 

من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات والمنح

%61.6

 
 

 معدل الفقر في قطاع غزة بحلول سنة 2023، مقارنة بـ 40% في 2005

معدل الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في قطاع غزة أكثر بمرتين منه في الضفة الغربية.

6494 شاحنة

المعدل الشهري لدخول الشاحنات التجارية إلى قطاع غزة خلال سنة 2022، مقابل 10،400 في سنة 2005.

428 شاحنة

غادرت غزة شهريًا عبر معبر كرم أبو سالم التجاري في عام 2022، مقارنة بـنحو 835 في سنة 2005.

إغلاق المعابر التجارية

جميع المعابر التجارية لغزة مغلقة الآن بالكامل، باستثناء معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل، وحدود رفح مع مصر.

المنطقة الإسرائيلية العازلة تعيق عمل المزارعين

فرضت إسرائيل "منطقة عازلة" على طول الحدود الشرقية داخل قطاع غزة،و يُحظر على جميع الفلسطينيين الحركة فيها.

الحدود الفعلية لهذه المنطقة الأمنية ليست واضحة، وكذلك الحال في البحر حيث يعمل الصيادون، ويبدو أنّ حدود تلك المناطق تتغير بشكل دائم. حتى عام 2008، كان يُسمح بمرور المشاة لمسافة تصل إلى 300 متر من السياج، ويمكن للمزارعين الاقتراب من مسافة 100 متر أثناء عملهم. ومع ذلك، ومع شن إسرائيلي لأول هجوم واسع في ديسمبر 2008، فرضت إسرائيل على الفلسطينيين الابتعاد عن السياج لمسافة تصل إلى 1000-1500. وتمثل تلك الأراضي "العازلة" حوالي 35٪ من أراضي غزة الصالحة للزراعة. ودمرت القوات الإسرائيلية أو لوثت الكثير من تلك المساحة. بعد الهجوم العسكري الواسع عام 2012، خففت إسرائيل هذه القيود، ولكنها عاودت فرضها مرة أخرى في وقت لاحق. وبغض النظر عن الحدود الرسمية، غالبًا ما تستهدف القوات الإسرائيلية بشكل دوري حتى المزارعين الذين يعملون في المناطق المسموح بها. بالإضافة إلى ذلك، ترشّ إسرائيل بشكل متكرر خلال العام مبيدات الآفات من الطائرات على الأراضي الفلسطينية على طول الحدود ما يتسبب بتلف المحاصيل الزراعية، حتى التي تتواجد في المناطق التي تبعد أكثر من 300 متر عن السياج، وهو ما .يعني تهديد مصدر الرزق الوحيد للمزارعين

%35

من الأراضي الصالحة للزراعة محظور العمل فيها

%7.1

نصيب الزراعة في غزة من إجمالي الناتج المحلي.

1.3 مليار دولار

قيمة خسائر القطاع الزراعي بسبب الحصار الإسرائيلي والهجمات العسكرية (2006-2022)

%70

من الماشية التي ترعى في المنطقة العازلة تضررت.

القطاع البحري

تقضـي اتفاقيـة أوسـلو التـي وقـعت عليهـا كل مـن منظمـة التحرير الفلسـطينية وإســرائيل عــام  1994 بالســماح للفلســطينيين بالإبحــار حتــى مســافة 20 ميــل بحـري (نحـو 37 كيلـو متـر) مقابـل شـواطئ قطـاع غـزة. ومـع ذلـك، فإنـه دائمـًا مـا يتـم منـع الفلسـطينيين مـن الوصـول لتلـك المسـافة. وتقلّص إسرائيل الصيد بشكل تعسفي لحدود بحرية لا تتجاوز في أفضل الأحوال 12 ميلًا بحريًا.

٪90

 
 

من الصيادين في القطاع يعيشون تحت خط الفقر.

12-6-3 ميلًا بحريًا

المنطقة المسموح بها صيد الأسماك.

4000 صياد

انخفض عدد الصيادين المسجلين في غزة من 10000 إلى 4000 منذ عام 2000.

30

حادث إطلاق نار شهريًا من البحرية الإسرائيلية على قوارب الصيادين خلال سنة 2022

العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة خلال فترة الحصار

خلال الـ 15 سنة الماضية، شنت القوات الإسرائيلية ثلاث هجمات رئيسية على قطاع غزة: في 2008 -2009 و2012 و2014. ووقعت هجمات جوية وبرية متفرقة بينهما.

عملية الرصاص المصبوب (2008-2009)

بدأت أولى الهجمات الكبرى في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2008 واستمرت 21 يومًا - وانتهت في 18 يناير/ كانون الثاني 2009. وعلى مدار الأسابيع الثلاثة، أسقطت القوات الإسرائيلية حوالي مليون كيلوغرام من المتفجرات على القطاع، ما تسبب بمقتل 1،436 فلسطيني وإصابة حوالي 5،400 آخرين بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وتدمير نحو 4100 منزل وتضرر 17500 منزل آخر.

عملية عمود السحاب (2012)

بدأ الهجوم في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 ، واستمر ثمانية أيام حتى 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012. قتلت غارات سلاح الجو الإسرائيلي 162 فلسطينياً، وأصابت ما يقرب من 1300 ، ودمرت 200 منزل بشكل كلي، 1500 منزل آخر بشكل جزئي، خلال تلك الفترة.

عملية الجرف الصامد (2014)

بدأ الهجوم الإسرائيلي الأطول والأكثر فتكاً على غزة في 8 يوليو 2014، واستمر 51 يومًا - وانتهى في 26 أغسطس 2014. وثق فريق المرصد الأورومتوسطي 60،664 هجوم بري وجوي وبحري إسرائيلي أسفر عن مقتل 2147 فلسطينيًا (قتلت أسر بأكملها في بعض الحالات) وجرح 10870 آخرين. وتضرر 17123 منزلا، منها 2465 دمّر بشكل كلي.

عملية حارس الأسوار (2021)

بدأت العملية بتاريخ 10 مايو/ أيّار 2021 واستمرت لمدة 11 يومًا، لتنتهي في 21 مايو/أيار. تميّز هذا الهجوم بتركيز الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية والمدفعية على البنية التحتية في قطاع غزة، ولا سيما الشوارع وآبار المياه والمرافق العامة، إلى جانب المقدرات الاقتصادية والإنتاجية، ما سبّب خسائر فادحة في هذه القطاعات.
أسفر الهجوم عن مقتل 254 فلسطينيًا، بينهم 66 طفلًا و39 امرأة و17 مسنًا، إضافة إلى إصابة نحو 1,948 آخرين بجروح مختلفة، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

 

17000 منزل متضرر

عملية الرصاص المصبوب (2008-2009)

1500 منزل متضرر

عملية عمود السحاب (2012)

14658 منزلًا متضررًا

عملية الجرف الصامد (2014)

 

1700 منزل دُمّر كليًا

عملية حارس الأسوار (2021)

%66

 
 

من سكان القطاع لاجئين

تداعيات أزمة الكهرباء

تعود أزمة الكهرباء في قطاع غزة إلى بدء الحصار في عام 2006، عندما قصفت القوات الإسرائيلية المحولات الستة الرئيسية في محطة الطاقة الوحيدة. وعلى الرغم من الإصلاح الجزئي للمحطة، إلا أن هناك نقصًا في الوقود اللازم لتشغيلها ما يتسبب في عجز كبير في إمدادات الطاقة الكهربائية، إذ تصل ساعات انقطاع التيار الكهربي إلى 12 ساعة في اليوم.

%30

 
 

من سكان غزة محرومون من حقهم في المياه نتيجة انقطاع الكهرباء المستمر.

اقل من نصف

كمية الوقود اللازمة لتشغيل محطة توليد الطاقة في غزة بكامل قدرتها متوفرة.

108 مليون لتر

من مياه الصرف الملوثة (غير المعالجة) يتم ضخها يوميًا في البحر الأبيض المتوسط بسبب نقص الطاقة، ما يتسبب في تلوث الشواطئ.

أجبرت أزمة الكهرباء المستشفيات على تأجيل العمليات الجراحية غير الطارئة، وبالتالي زادت فترة الانتظار المقدرة ب 16 شهرًا بحلول بداية عام 2021، مقارنة بـ 3 أشهر في عام 2005.