يناير/كانون ثان- ديسمبر/ كانون أول 2022

استمرت السلطات الإسرائيلية خلال عام 2022 في سياساتها التعسفية تجاه الفلسطينيين شرقي القدس، إذ واصلت عمليات الاستيلاء على منازل ومنشآت وأراضي الفلسطينيين، كما صعّدت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ممارساتها العنيفة تجاه الفلسطينيين في المدينة، بما في ذلك عمليات الاستهداف والتصفية الجسدية، والاحتجاز التعسفي، واقتحام الأحياء الفلسطينية ومصادرة الممتلكات. وفي ذات العام، كثّف المستوطنون الإسرائيليون من اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، وتنظيم النشاطات الدينية التي تستفز مشاعر المسلمين. كما طرحت السلطات الإسرائيلية مزيدًا من المشاريع الاستيطانية، واستمرت في سياسة ملاحقة وتجريم الوجود الرسمي الفلسطيني في المدينة، بما في ذلك عمليات الترحيل والطرد القسري.

 

3504

 
 

مجموع حالات الاعتقال والاحتجاز خلال العام 2022

19

 
 

مجموع حالات القتل خلال عام 2022

22000

 
 

مجموع الوحدات الاستيطانية التي قدمت خطط لبنائها أو صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية خلال 2022

306

 
 

مجموع عدد عمليات الهدم التي طالت المنازل السكنية والمنشآت في مدينة القدس خلال 2022

الاعتقال التعسفي

تنتهج السلطات الإسرائيلية سياسة الاعتقال على نحو شبه يومي ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية، إذ اعتقلت خلال عام 2022 ما مجموعه 3504 فلسطينيًا، وفي معظم الحالات، تكون أسباب الاعتقال تعسفية أو تفتقر للإجراءات القانونية ومعايير الاعتقال والمحاكمة العادلة. وبالإضافة إلى ذلك، كثيرًا ما يرافق هذه الاعتقالات حالات دهم لمنازل الأشخاص المراد اعتقالهم، ونادراً ما يتم إظهار إذن بالتفتيش. وهو ما يخالف القواعد الإجرائية في القوانين الجزائية.

 

الاعتقالات سلاح إسرائيل لترهيب وقهر المقدسيين

تنفّذ قوات الجيش الإسرائيلي مصحوبة بوحدات المخابرات والشرطة، عمليات دهم مستمرة للأحياء والمنازل الفلسطينية في القدس الشرقية بهدف اعتقال المقدسيين، وهي عمليات تحدث غالبًا في ساعات الليل أو الفجر على نحو شبه يومي.

لا تفرق حملات الاعتقال بين شاب أو امرأة أو طفل أو كهل، كما لم تفرق بين قيادي أو رمز ديني أو شخص عادي. تركزت الاعتقالات في هذا العام في شهر أبريل/ نيسان والذي تصادف مع بدء شهر رمضان، إذ كان أعلى الشهور تسجيلًا لحالات الاعتقال بواقع (894) حالة، منها (476) في يوم 15 نيسان فقط. في ذلك اليوم، اعتقلت القوات الإسرائيلية 476 شخصًا من داخل باحات المسجد الأقصى بعد التنكيل بهم. وكما كل عام، شملت الاعتقالات معظم الأحياء الفلسطينية في القدس، بما في ذلك العيساوية والشيخ جراح والبلدة القديمة وبلدة سلوان وغيرها.


خلال عام 2022 نفذت القوات الإسرائيلية نحو 946 عملية اقتحام ومداهمة للبلدات والأحياء المقدسية، تخللها 3504 حالة اعتقال، بينهم أكثر من 600 قاصر.

الاستخدام المفرط للقوة

على الرغم من ادعاء القوات الإسرائيلية عدم استهداف المدنيين في الأراضي الفلسطينية، إلا أنّ سلوكها الميداني يتنافى مع تلك الادعاءات، إذ تعمد في جميع الظروف تقريبًا إلى استخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين، بما يؤدي إلى إلحاق خسائر فادحة بالأرواح، والتسبب بإعاقات دائمة للأشخاص المستهدفين.

خلال عمليات الدهم أو الاحتجاز أو قمع الاحتجاجات، تستخدم القوات الإسرائيلية على نحو دام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين في القدس، بما في ذلك الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والصوت ووسائل القمع الأخرى. وإلى جانب مقتل 19 فلسطينيًا، تسبب الاستخدام الإسرائيلي المفرط للقوة في القدس في عام 2022 بإصابة أكثر من 2480 فلسطينيًا بالرصاص الحي والمطاطي، إلى جانب أعمال التنكيل والضرب بالأيدي والهراوات وأعقاب البنادق.

الاعتداء على فلسطينيين وصحافيين في القدس | مايو 2021

فيديو يظهر اعتداء قوات الأمن الإسرائيلية على صحافيين ومحتجين فلسطينيين في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، حيث اعصتم فلسطينيون في مايو/ أيّار 2021 رفضًا لقرار إخلاء منازلهم.

هدم المنازل

ضمن سياسة ممنهجة لتقليص الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات هدم لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وترفض منحهم تراخيص لبناء منازل جديدة أو منشآت، وتسمح في المقابل ببناء وحدات استيطانية جديدة في الأحياء الإسرائيلية.

أظهرت عمليات التوثيق الميداني أنّ السلطات الإسرائيلية هدمت 128 منزلًا فلسطينيًا في القدس خلال عام 2022
 

بلدة جبل المكبر

في يوم الجمعة 14 يناير/ كانون ثان 2022، هدمت الجرافات الإسرائيلية منزل الفلسطيني عطا جعافرة في بلدة جبل المكبر بداعي البناء المخالف وعدم وجود تراخيص، وقد حاول سابقًا استصدار ترخيص لكنّ السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك. رفض جعافرة سابقًا هدم منزله ذاتيًا، فنفذت الآليات الإسرائيلية عملية الهدم وشرّدت عائلته المكونة من 11 فردًا.

حي الشيخ جراح

هدمت الجرافات الإسرائيلية يوم الأربعاء 19 يناير/ كانون ثان 2022 منزل الفلسطيني محمود صالحية في حي الشيخ جراح بداعي تنفيذ أمر بإخلاء "مبان غير قانونية". وخلال هدم المنزل، اعتدت القوات الإسرائيلية على عائلة "صالحية" واعتقلت صاحب البيت، إلى جانب 26 آخرين، بينهم متضامنون مع العائلة.

بلدة سلوان

في يوم السبت 3 سبتمبر/ أيلول 2022 أجبرت السلطات الإسرائيلية عائلة "هادية" على هدم منزلها قسرًا في بلدة سلوان شرقي القدس بداعي عدم وجود تراخيص بناء، رغم أنّ العائلة كانت تحاول منذ 10 سنوات ترخيصه وتنظيم الأرض، وتدفع مخالفة بناء بقيمة 50 ألف شيكل (نحو 14 ألف دولار أمريكي)، ورغم ذلك رفضت البلدية الإسرائيلية تجميد أو تأجيل قرار الهدم. كان المنزل مقامًا على مساحة 120 مترًا مربعًا، وتسمنه ثلاث عائلات.

جرافة إسرائيلية تهدم منزلًا لعائلة عليان في بلدة العيساوية بالقدس بحجة عدم الترخيص| فبراير 2021

الإبعاد عن المسجد الأقصى

تصدر أجهزة الأمن الإسرائيلية أوامر إبعاد عن المسجد الأقصى بحق المقدسيين من خلال خمس طرق أساسية:

 

الاستيطان والأسرلة

يُوظف الاحتلال الإسرائيلي أذرعه الحكومية والأمنية والقضائية لفرض تغيير ديموغرافي في مدينة القدس المحتلة، ويطلق يد المستوطنين وجمعياتهم الاستيطانية للسيطرة على أكبر عدد ممكن من الممتلكات الفلسطينية في مدينة القدس، وأسرلة المدينة (بمعنى إعطاءها الطابع الإسرائيلي) وتفريغها من مواطنيها الفلسطينيين. ومن أخطر الإجراءات التي يُمارسها الاحتلال في أسرلة مدينة القدس، توظيف الجهاز القضائي في إنفاذ الاستيطان والسيطرة على الممتلكات العربية، وإلباسه الثوب القانوني والقضائي، والتلاعب في القوانين والأحكام، والتمييز العنصري بين الفلسطينيين والجمعيات الاستيطانية في القضايا التي تتعلق بظروف متشابهة.

مركز يهودي على جبل الزيتون

في فبراير/ شباط 2022، قررت السلطات الإسرائيلية إقامة مركز ضخم على جبل الزيتون يضم صالة لعرض روايات توراتية وتلمودية عن مدينة القدس ومنطقة جبل الزيتون، بالإضافة إلى مركز لأبحاث المقابر والتاريخ اليهودي، كما سيوفر "خدمات المعلومات والمحتوى حول المكان للسياح من الخارج والزائرين الإسرائيليين الذين يأتون إلى جبل الزيتون". وسيجري بناء المركز على أراضٍ تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، تم الاستيلاء عليها سابقًا.

مخطط أسرلة الشوارع وتقطيع أوصال المدينة

في يونيو/ حزيران 2022، بدأت السلطات الإسرائيلية في تنفيذ مخطط يقطع أوصال الجزء الشرقي من المدينة ويهدف لقطع حركة المواصلات بين الشوارع التي يستخدمها الفلسطينيون تحت مسميات تطويرية وتحسينية. يشمل المشروع تثبيت يافطات جديدة باللغة العبرية داخل الشوارع المستهدفة بهدف أسرلتها وطمس الطابع العربي والإسلامي.

تقييد الحريات ومحاربة الوجود الفلسطيني الرسمي

محافظ القدس عدنان غيث خلال إحدى جلسات المحاكمة

استمرت السلطات الإسرائيلية خلال عام 2022 في ملاحقة عمل محافظ القدس الفلسطيني، ففي الأول من أغسطس/ آب 2022، اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل محافظ القدس "عدنان غيث" في بلدة سلوان واعتقلته، ومددت اعتقاله ثلاث مرات لتحضير لائحة اتهام بحقه، وأفرجت عنه بعد ذلك بشرط الحبس المنزلي المفتوح.

تسعى السلطات الإسرائيلية إلى قمع أي مظاهر فلسطينية في القدس، وتحارب وجودها بشكل حاسم، إذ تعمل على منع إقامة أية فعالية أو أي دور شعبي أو سيادي للمؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس، بما في ذلك ما يتبع منها للسلطة الفلسطينية، سعياً منه لأسرلة المدينة بشكل تام.

إغلاق مقر جمعية تطوع للأمل- نوفمبر 2020

إغلاق الجمعيات الفلسطينية

في أبريل/ نيسان 2022، جددت السلطات الإسرائيلية إغلاق 28 مؤسسة وجمعية وهيئة فلسطينية ناشطة في مدينة القدس المحتلة، من بينها نادي الأسير الذي يُعنى بمتابعة شؤون المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل. وأعلنت السلطات الإسرائيلية نيتها مواصلة سياسة إغلاق هذه المؤسسات بحجة الحفاظ على "السيادة الإسرائيلية" على "القدس الموحدة".

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يوصي بما يلي

  • على السلطات الإسرائيلية التوقف الفوري عن انتهاكاتها الجسمية بحق الفلسطينيين في مدينة القدس، وخصوصا فيما يتعلق بمنع الفعاليات والتضييق في رخص البناء وهدم البيوت والاعتداء على الحريات العامة بالاعتقال التعسفي والضرب والإيذاء.
     
  • وقف الاستيطان في القدس المحتلة بشكل فوري، والاعتراف بها والتعامل معها كأرض محتلة، ووقف كل عمليات أسرلة المدينة المباشرة وغير المباشرة.
     
  • ينبغي على السلطة الفلسطينية العمل مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتقديم شكوى رسمية للمجلس للنظر في الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين من سكان القدس، والممارسات الإسرائيلية الممنهجة ضدهم.
     
  • ينبغي على المجتمع الدولي، ودول الاتحاد الأوروبي على نحو خاص، لعب دور فعّال لحماية المقدسيين وممتلكاتهم من التغوّل والسيطرة الإسرائيلية، وممارسة ضغط حقيقي وجدّي على إسرائيل لمنحهم  حقوقهم ووقف الانتهاكات بحقهم.